تقرير إذاعي

تقارير إذاعية يعدّها مراسلو آرتا عن آخر التطورات والأحداث والقضايا التي تهمّ الناس في المنطقة

أخر عازفي "المزمار" في عامودا يروي قصة مهنة حافلة مهددة بالاندثار

يخرج محمود خليل، آلة المزمار المعروفة باسم (زرنة) والمصنوعة من شجر المشمش، ويتفحصها ملياً ليستعيد ذكريات 20 عاماً تجول خلالها مع هذه الآلة في مدن وأرياف المنطقة لإحياء الحفلات الشعبية.

ويحاول خليل الحفاظ على هذه الآلة، التي قضى معها عمراً كاملاً وكانت مصدراً لرزقه، عن طريق لفها بقماش مزركش. 

وأمضى العازف السبعيني أربعة عقود من عمره وهو يعزف على (الزرنة) إلى جانب عشرات العازفين الذين كانوا منتشرين في مدن الجزيرة خلال سنوات خلت. 

ويقول خليل إن المنطقة مرت بتغيرات كبيرة أثرت بدورها على حفلات الزفاف الشعبية التي كانت تستمر سابقاً لأيام مليئة بالبهجة، أما مدة الأعراس الحالية قصيرة، فالمدعوون ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء الحفل كي يعودوا إلى بيوتهم.

وكانت (الزرنة والداهول) آلتان أساسيتان في إحياء الحفلات قبل أن يتراجع الإقبال عليهما تدريجياً مع ظهور الآلات الموسيقية الحديثة.

ويقول خليل إن عازفي (الزرنة) كانوا يتوزعون في مختلف المدن والبلدات. وارتبط اسم عائلات كاملة بهذه المهنة، في حين لم يكن الأمر يخلو من منافسات على تقديم أفضل الألحان.

ومن بين هذه العائلات كانت عائلة (علاني) في ريف المالكية/ ديرك، وعائلة (شيخو نادو) في ريف القحطانية/ تربى سبيه وعائلة (تمو) في عامودا.

وفي المنافسة ما بين آلته الفلكلورية والآلات الحديثة، يسرد خليل قصة حصلت معه وكيف كانت الفرق الموسيقية الحديثة تتحسس من وجوده في حفلات الزفاف.

 "في إحدى الحفلات بالحسكة كان أهل العرس قد طلبوا مشاركة فنان مع فرقته الموسيقية، لكن صاحب العرس ويدعى (محمود ) سألني عن آلتَي (الزرنة والطبل)، فقلت له موجودتان، ثم طلب مني العزف، فما كان من الفنان الذي كان يحيي الحفل إلا أن حمل آلاته الموسيقية الحديثة وغادر الحفل، وهو يصرخ: لو كنت أعلم أن هناك زرنة وطبل في الحفل لما أتيت".

وينظر خليل إلى آلته بإعجاب وتحسر، نتيجة تراجع الإقبال عليها وقلة الاهتمام بمهنته التي يعتبرها فناً أصيلاً، كما هو حال العشرات من ممتهني وعازفي هذه الآلة.

ويروي خليل، بابتسامة لطيفة، قصصاً تعكس مدى ارتباط أهالي المنطقة بهذه الآلة في الماضي. 

"في الماضي كان عازفو الزرنة والطبل يعزفون أمام بعض الشخصيات والوجهاء،الذين يكرمون العازف بإعطائه بعض المال، حتى أن أحد عشاق الزرنة والطبل اضطر لبيع بغل حراثة بتسعين ليرة كي يستطيع أن يدفع للزمّار الذي سيعزف أمامه".

ومن بين عشرات العازفين على آلة (الزرنة) في مدينة عامودا وريفها، لم يبق سوى محمود خليل وعازف آخر للطبل يشاركه إحياء عدد من الحفلات القليلة. 

لكن ما يتخوف منه خليل  وبعض المهتمين بالتراث الكردي هو اندثار هذه المهنة مع مرور الوقت، في ظل التقصير من قبل المؤسسات الثقافية في الإدارة الذاتية في تنظيم نشاطات خاصة بإحياء هذا النوع من الموسيقى، على حد تعبير خليل.  

تابعوا تقرير عكيد جولي كاملاً:

كلمات مفتاحية

المزمار الزرنة عامودا