آخر الأخبار
- إصابة عنصر من فوج الإطفاء أثناء إخماء حريق في معمل تنر بالقامشلي
- المجلس الوطني الكردي يحدد 12 موقعاً للاحتفال بعيد نوروز في الجزيرة وكوباني وعفرين ودمشق
- اتفاق بين حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الكردي على وفد مشترك للحوار مع دمشق وعقد مؤتمر موحد بعد نوروز
- ارتفاع حصيلة شهداء قصف المزرعة جنوبي كوباني إلى عشر 10 شهداء
- قرار بمنع حركة الشاحنات والدراجات النارية وإطلاق الأعيرة النارية بمناسبة نوروز
روابط ذات صلة
- اتفاق بين حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الكردي على وفد مشترك للحوار مع دمشق وعقد مؤتمر موحد بعد نوروز
- 46 منظمة مدنية ترفض الإعلان الدستوري الصادر عن الحكومة المؤقتة في دمشق
- 12 مؤسسة إيزيدية توقّع بياناً يدين انتهاك الإعلان الدستوري لحقوق الأقليات في سوريا
- تنديد واسع بالإعلان الدستوري في سوريا…. القوى السياسية والكردية والسريانية والأثورية والأرمنية ترفضه بشدة
- الإدارة الذاتية ترفض الإعلان الدستوري السوري الجديد
- الاتحاد السرياني: الاتفاق بين قسد والحكومة السورية لا يعكس تطلعات السريان
- مظلوم عبدي: الاتفاق فرصة حقيقية لبناء سوريا جديدة
- اتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة السورية يشمل وقف إطلاق النار ودمج المؤسسات
- أوجلان يدعو إلى حل حزب العمال الكردستاني: "حان وقت ترك السلاح"
- وقفة احتجاجية في الحسكة رفضاً لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري
توصيات لإعلام حر ومستقل ومهني في سوريا: نحو قطيعة كاملة مع ممارسات نظام االستبداد
أصدرت مجموعة من المؤسسات والمنظمات الإعلامية السورية المستقلة، بعد اجتماعها في دمشق مطلع شهر شباط الجاري، مجموعة من التوصيات من أجل "إعلام حر ومستقل ومهني" تحت عنوان "نحو قطيعة كاملة مع ممارسات نظام الاستبداد."
فيما يلي نص البيان كاملاً، ويمكن تحميل نسخة بي دي إف من هنا.
نحو قطيعة كاملة مع ممارسات نظام الاستبداد: إلى إعلام حر ومستقل ومهني
يشكّل سقوط النظام السوري البائد وانتصار ثورة الكرامة نقطة تحول حاسمة في المشهد الإعلامي للبلاد. لا شكّ في أن الانتقال إلى هيكل حوكمة جديد كفيلٌ بفتح المجال أمام فرص هامة، لكنه يفرض أيضاً تحديات كبيرة تتطلب استجابات مدروسة.
يلعب الإعلام دوراً أساسياً لا في نقل الأخبار فحسب، بل وفي دعم العدالة، والمساءلة، وإرساء السلم الأهليّ وتعزيز التماسك الاجتماع ي، في مجتمع يعاني انقسامات عميقة.
يعرض هذا الموجز تحليلاً سريعاً لسياق وواقع الإعلام السوري المستقل (ذاتي التنظيم، وغير التابع لجهة سياسية أو اقتصادية، ولا يؤثر في سياساته التحريرية أي طرف سياسي أو اقتصادي أو مدني)، ويقدّم توصيات عملية لكل من الحكومة السورية الانتقالية، وقطاع الإعلام السوري، والمجتمع المدني، والمانحين، بغية ضمان بيئة إعلامية مستقلةّ، ومهنيّة ومستدامة وأخلاقية، تسهم في دعم الحوكمة الرشيدة والمصالحة الوطنية.
مقدمة: واقع الإعلام السوري بعد سقوط النظام
مع سقوط النظام السوري وانتصار الثورة، دخلت البلاد مرحلة جديدة تتسم بتحديات غير مسبوقة على المستويات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والتقنية، والقانونية. لم يؤدّ هذا التحول تلقائياً إلى نشوء بيئة ديمقراطية حاضنة للإعلام الحر، بل على العكس، كشف عن فراغ تنظيمي كبير وواقع غير مستقر يهدد استدامة الإعلام المستقل ويضعه في مواجهة مباشرة مع عقبات بنيوية عميقة، تتطلب عملاً مستمراً لتحقيق الدمقرطة وحرية الإعلام والتعبير عن الرأي.
خلق التهّاوي السريع للنظام واقعاً سياسياً جديداً بفرص وتهديدات كبيرة، مع استمرار النزاعات بين الفاعلين المحليين والإقليميين، وعدم تمكّن الإدارة الجديدة من السيطرة على كامل التراب السور ي حتى الآن. أدى هذا الواقع إلى تظهير بيئة إعلامية شديدة التشرذم، إذ تختلف الظروف بين منطقة وأخرى تبعاً للجهة المسيطرة، وبشكل يخضع قطاع الإعلام لمعطيا ت قانونية وأمنية غير متشابهة ولا متجانسة، ومناخ حريات إعلام متفاوت في مساحته وقيوده، فضلاً عن استمرار المخاطر المرتبطة بالملاحقات الأمنية، والتضييق على وسائل الإعلام، ما يترك الصحفيين والصحفيات عرضة لضغوط سياسية قد تعيق عملهم المهني.
علاوة على ذلك، لا تزال السلطة السياسية غير مستقرة، ولم تتبلور حتى الآن إرادة سياسية واضحة لضمان حرية الإعلام. كما تستمر الممارسات الاستقطابية التي تحوّل بعض وسائل الإعلام أدوات لخدمة أجندات القوى السياسية والعسكرية، ما يهدد استقلالية الإعلام ويعزز خطاب الكراهية والانقسام.
على المستوى الاقتصادي، يعتمد الإعلام السوري المستقل بشكل شبه كامل على التمويل الخارجي، ما يتركه عرضة للتغيرات في أولويات المانحين والتأثيرات السياسية المرتبطة بالمساعدات الدولية. وفي ظلّ ضعف السوق الإعلانيّة وانخفاض القوة الشرائية في سوريا، تنخفض فرص المؤسسات الإعلامية في تحقيق موارد مالية محلية مستدامة. وتتفاقم الصعوبات بسبب العقوبات الدولية التي تعيق التعاملات المالية والمصرفية، لا سيمّا في ظل سياسة الإفراط في الامتثال التي تنتهجها المصارف، ما يحدّ قدرة وسائل الإعلام على تأمين التمويل والتجهيزات التقنية اللازمة للعمل الصحفي. ومع ارتفاع تكاليف الإنتاج الإعلامي، بات من الصعب على المؤسسات الصغيرة الاستمرار، ما يعزز مركزية بعض الوسائل الإعلامية الكبرى على حساب الإعلام المحلي المستقل.
على الصعيد الاجتماعي، يواجه الإعلام السوري أزمة ثقة حادة، إذ أدّت سنوات من التضليل الإعلامي والدعاية الرسمية إلى تآكل مصداقية الإعلام لدى شريحة واسعة من المجتمع. كما تعرقل الانقسامات المجتمعية العميقة الناتجة عن سنوات الصراع تقديم خطاب إعلامي مهني، واحترافي، وأخلاقي، أو رواية متماسكة تحظى بقبول مختلف الأطراف.
فضلاً عن ذلك، تضع وسائل التواصل الاجتماعي الجمهور تحت كم كبير من المعلومات المضللة والزائفة، ما يجعل المواطنين أكثر عرضة لتصديق الإشاعات. كما أدت هجرة عدد كبير من الكفاءات الإعلامية والصحفية خلال السنوات الماضية إلى فراغ مهني، انعكس على جودة الإنتاج الإعلامي وقدرة الإعلام المستقل على التأثير في الرأي العام.
من الناحية التقنية، تعاني البنية التحتية للاتصالات ضعفاً كبيراً، وتؤثر انقطاعات الكهرباء والإنترنت على إنتاج ونشر المحتوى الإعلامي وجودته. كما أن فرض قيود على الوصول إلى منصات التواصل الاجتماعي من قبل بعض القوى المسيطرة يحد من قدرة الإعلام المستقل على إيصال رسائله إلى الجمهور المستهدف. بالتوازي، يتعرض الإعلام السوري لمخاطر أمنية رقمية متزايدة، تشمل الاختراقات الإلكترونية والتجسس الرقمي، وتصعب مواجهتها في ظل ضعف التنسيق بين المؤسسات الإعلامية، وغياب استراتيجيات موحدة لمواجهة هذه التحديات التقنية.
على المستوى القانوني، لا يوجد في البلاد حتى الآن أي إطار تشريعي واضح ينظم عمل الإعلا م في سوريا الجديدة، ولا تزال القوانين المقيدة لحرية الصحافة التي أقرها النظام السابق سارية في بعض المناطق، ما يشكل خطراً على حرية التعبير، بما في ذلك قانونا مكافحة الإرهاب والجرائم الإلكترونية، ناهيك عن عدم وجود سياسات تضمن حق الوصول إلى المعلومات الرسمية، وهذا يحد من قدرة الإعلام على أداء دوره الرقابي بشكل فعال.
من ناحية أخرى، ومع غياب تنظيم نقابي مستقل يحمي حقوق الصحفيين والصحفيات، يجد هؤلاء أنفسهم عرضة للاستغلال والانتهاكات، ويؤدي ضعف آليات المحاسبة في البلاد، وانعدام ملامح العدالة الانتقالية، إلى تفشي أشكال من "المحاسبة" خارج القانون، والإجراءات الانتقامية، ما يكرس حالة الخوف من ممارسة العمل الصحفي بحرية.
عليه، نوصي بما يلي:
أولاً: إلى الحكومة الجديدة – دعم إرساء بيئة إعلامية تدعم الاستقرار والتعددية
١- حماية حرية الصحافة وضمان الوصول إلى المعلومات
- اتخاذ إجراءات عاجلة للسماح للصحفيين والصحفيات بحرية الوصول إلى المعلومات، ما يعزز الشفافية ويرفع وعي المجتمع بالتحديات السياسية والاجتماعية.
- تفعيل الإعلام الرسمي ليكون إعلاماً مهنياً وأخلاقياً، بعد عقود من تكريسه أداة دعائية من قبل النظام البائد، بما يتيح الحد من انتشار الأخبار المضللة والإشاعات التي تهدد السلم الأهلي.
٢- إجراء إصلاحات قانونية لتعزيز استقلال الإعلام
- الإسراع في إقرار قانون إعلام مستقل خلال مدة أقصاها عامٌ واحد، وبمشاركة جميع الجهات المعنية بما فيها الإعلام المستقل.
- إلغاء جميع القوانين التي تحد من حرية الإعلام، خاصة قانون مكافحة الإرهاب الصادر في 2012 وقانون الجرائم الإلكترونية الصادر في 2022.
- إقرار آليات قانونية لمحاسبة من تورط من قطاع الإعلام في الانتهاكات، ضمن إطار العدالة الانتقالية والقضاء المستقل، بعيداً عن تصفية الحسابات السياسية.
٣- ضمان استقلالية العمل النقابي والتنظيمي للإعلاميين والإعلاميات
- دعم النقابات والمؤسسات المهنية الإعلامية المستقلة، وضمان استقلالها التام، ومنحها الشرعية القانونية لتمثيل وحماية حقوق الصحفيين والصحفيات.
- ضمان مشاركة قطاع الإعلام في أي حوارات تتعلق بالعملية الدستورية، واعتبار الصحافة أحد الأعمدة الأساسية في الحوار الوطني المقبل.
ثانياً: إلى الجهات المانحة – إعادة النظر في آليات دعم الإعلام السوري
١- الاستثمار في تمويل مستدام ومرن
- رفع العقوبات عن الشعب السوري بشكل فوري وجميع الإجراء ت القسرية الأحادية الجانب التي تعيق المؤسسات السورية، بما في ذلك المؤسسات الإعلامية، سواء الحكومية أو الخاصة أو المستقلة.
- زيادة الدعم المالي للإعلام المستقل مع إعادة تقييم الاستراتيجيات التمويلية بحيث تتلاءم مع الواقع الميداني.
- فصل التمويل المخصص لتطوير الإعلام عن التمويل الإنساني لضمان استقرار طويل الأمد لوسائل الإعلام المستقلة.
- اعتماد نهج التمويل المتدرج، بحيث يُمنح الدعم وفق معايير مهنية وليس فقط بناء على الاعتبارات السياسية.
٢- تمكين الإعلاميين والإعلاميات وتعزيز قدرتهم على الإدارة الذاتية للموارد
- منح الثقة للشركاء السوريين وإشراكهم في تصميم برامج الدعم الإعلامي لضمان فهم أعمق للتطورات السياقية وللأولويات الإعلامية.
- دعم إنشاء صناديق تمويل محلية للإعلام المستقل، تديرها مؤسسات سورية مستقلة، لتخفيف الاعتماد على التمويل الخارجي والحيلولة دون التدخلات السياسية.
- إعادة النظر في متطلبات التمويل بما يسمح بمزيد من المرونة القانونية المتعلقة بعمليات الترخيص، ويأخذ في الاعتبار القيود المالية والمصرفية الناتجة عن العقوبات.
٣- التعاون مع الحكومة الجديدة لضمان بيئة إعلامية حرة
- استخدام الانخراط الدبلوماسي الفعال مع الحكومة الجديدة بشكل يساعد على سن قوانين تحمي حرية الصحافة وتمنع تسييس الإعلام أو إخضاعه للرقابة.
ثالثاً: إلى قطاع الإعلام السوري – نحو تنظيم قطاعي مهني ومستدام
١- توحيد الجهود وبناء تحالفات مهنية
- الدعوة إلى حوار وطني في قطاع الإعلام يضم جميع الكيانات التنظيمية الإعلامية في سوريا للاتفاق على خريطة طريق لحماية الصحفيين والصحفيات وتنظيم القطاع الإعلامي.
- تكثيف التعاون والتشبيك بين المؤسسات الإعلامية المستقلة، وبينها وبين المؤسسات الإعلامية الحكومية والخاصة، لتبادل الموارد وتعزيز قدرتها على الصمود أمام التحديات المالية والتقنية.
٢- تعزيز المعايير المهنية والأخلاقية
- العمل على توسيع دائرة الالتزام بـميثاق شرف إعلامي يحافظ على أخلاقيات المهنة ويحد من خطاب الكراهية والتحريض.
- تعزيز الصحافة الاستقصائية بوصفها أداة مساءلة تكافح الفساد، مع تأمين الحماية اللازمة للصحفيين والصحفيات العاملين في هذا المجال.
٣- إدماج الدوات الحديثة في العمل الإعلامي
- تبني حلول رقمية جديدة لمواجهة التحديات التقنية مثل ضعف البنية التحتية للاتصالات والتضييق على الوصول إلى منصات التواصل الاجتماعي.
- تكثيف العمل على تمكين وتدريب جيل جديد من الإعلاميين والإعلاميات، وتأهيلهم لاستخدام أدوات الإعلام المستقل بكفاءة في بيئة سريعة التغير.
رابعاً: إلى المجتمع المدني – تكثيف التعاون مع الإعلام المستقل
١- تعزيز الشراكة بين الإعلام والمجتمع المدني
- تطوير آليات تعاون بين الإعلام المستقل ومنظمات المجتمع المدني، لضمان إيصال صوت الفئات المهمشة وتسليط الضوء على القضايا الحقوقية والمجتمعية.
- إطلاق حملات مناصرة لدعم الصحفيين والصحفيات وحمايتهم، والمطالبة بقوانين تحميهم من الملاحقات القانونية والتعسفية.
٢- مواجهة التضليل الإعلامي ورفع الوعي المجتمعي
- تنفيذ برامج توعية لتعزيز الثقافة الإعلامية في المجتمع، وتزويد المواطنين بالأساسيات اللازمة للتمييز بين الأخبار الحقيقية والمضللة.
- دعم المشاريع الإعلامية التي تركز على مكافحة خطاب الكراهية، وتعزيز التغطيات الصحفية المحايدة.
---------